الوضع الآلي ٢٤/٧

في خطوة تُعد الأولى من نوعها.. الصين تفتتح أول خزنة للذهب

Jun 26, 2025

في خطوة تُعد الأولى من نوعها، أعلنت بورصة شنغهاي للذهب (SGE) عن توسيع عملياتها لتشمل مناطق خارج البرّ الرئيسي للصين، من خلال إطلاق عقدين جديدين لتداول الذهب، إلى جانب إنشاء منشأة تخزين جديدة في هونغ كونغ. هذه الخطوة الاستراتيجية تهدف إلى تعزيز الدور الدولي للبورصة الصينية وترسيخ النفوذ الصيني في أسواق السلع والعملات، فضلًا عن دعم المكانة العالمية لهونغ كونغ كمركز مالي محوري في آسيا.


ووفقًا لبيان رسمي صدر يوم الأربعاء عن البورصة، فإن العقود الجديدة التي سيتم تداولها ستكون مقوّمة باليوان الصيني، وسيكون التداول عليها ممكنًا عبر التسوية النقدية أو التسليم الفعلي، بما يشمل خيار التسليم إلى منشأة التخزين الجديدة التي تديرها وحدة من بنك الصين المحدود في هونغ كونغ.

ومن المقرر أن يبدأ تداول هذين العقدين يوم الخميس، حيث يغطي كل منهما درجة نقاء مختلفة من الذهب. كما أعلنت البورصة عن إعفاء المستثمرين من رسوم التخزين في المنشأة الجديدة حتى نهاية العام الحالي، في محاولة لجذب اهتمام المتعاملين في الأسواق الدولية.

توسيع نفوذ الصين وتسعير الذهب باليوان

الصين، باعتبارها أكبر منتج ومستهلك للذهب عالميًا، تسعى منذ سنوات إلى توسيع تأثيرها في آليات تسعير الذهب عالميًا، وهو ما يتجلى في هذه الخطوة التي تأتي في إطار أكبر لمحاولة تقليص الاعتماد على الدولار الأميركي، وتعزيز استخدام العملة المحلية الصينية، اليوان، في تسعير وتداول السلع الاستراتيجية، وعلى رأسها الذهب.

ويلفت المراقبون إلى أن التسعير باليوان لعقود الذهب يكتسب أهمية جيوسياسية واقتصادية متزايدة، خاصة في ظل جهود بكين المستمرة لتحويل اليوان إلى عملة دولية قابلة للاستخدام في التجارة العابرة للحدود.

خلفية البورصة وتوجهات الانفتاح الخارجي

تعود جذور بورصة شنغهاي للذهب إلى عام 2002، حين أسسها بنك الشعب الصيني لتكون المنصة الأساسية لتداول الذهب داخل الصين. وفي عام 2014، أطلقت البورصة ما يعرف باسم "اللوحة الدولية"، وهي نافذة تسمح للمستثمرين الأجانب بالوصول المباشر إلى سوق الذهب الصينية، في خطوة كانت تهدف حينها إلى تدويل المنصة وزيادة الشفافية والانفتاح على رؤوس الأموال العالمية.

وقد شهدت هذه المبادرات تطورًا سريعًا خلال السنوات الأخيرة، لا سيما بعد إعلان بورصة شنغهاي للعقود الآجلة، وهي أكبر منصة لتداول المواد الخام في البلاد، عن مقترحات جديدة تسمح بتوسيع نطاق مشاركة المستثمرين الأجانب في الأسواق الصينية، بما يعكس توجّهًا رسميًا متصاعدًا نحو التحرير المالي.

السوق العالمية للذهب: بين لندن وشنغهاي وسنغافورة

ورغم أن بورصة شنغهاي تُعد الأكبر عالميًا من حيث أحجام التداول الفعلي للذهب المادي، فإن مدينة لندن ما تزال تحتفظ بصدارتها كمركز تقليدي ومرجعي لسوق الذهب العالمية. إلى جانب ذلك، تواصل سنغافورة العمل على تعزيز دورها كمركز بديل محتمل، مع سعيها إلى جذب المستثمرين من خلال بنية تحتية حديثة وتسهيلات تنظيمية.

وقد تسارعت وتيرة الاهتمام العالمي بالذهب مؤخرًا، مدفوعة بموجة صعود قياسية للأسعار منذ مطلع العقد الجاري، حيث بلغت الأسعار مستويات غير مسبوقة بفعل عوامل مثل التضخم، والتوترات الجيوسياسية، واضطرابات سلاسل التوريد.

الذهب كملاذ آمن والصين كمشترٍ رئيسي

لطالما كان الذهب يُنظر إليه كأداة لحفظ القيمة وملاذ آمن في أوقات الأزمات، وهو ما جعل الصين من أبرز المشترين للذهب خلال السنوات الثلاث الماضية. وتسعى بكين من خلال ذلك إلى تنويع احتياطاتها النقدية، والحد من تعرضها المفرط للعملات الأجنبية، وعلى رأسها الدولار الأميركي.

وفي هذا الإطار، يأتي إنشاء منشأة التخزين في هونغ كونغ كجزء من استراتيجية أوسع لتعزيز السيطرة الصينية على سلسلة القيمة المرتبطة بالذهب، بدءًا من الإنتاج وحتى التداول والتسعير.

دور متنامٍ لهونغ كونغ في البنية التحتية المالية للذهب

أما هونغ كونغ، التي تُعد مركزًا ماليًا ومصرفيًا عالميًا يتمتع بسمعة قوية، فإنها تسعى اليوم إلى مواكبة التحولات الجارية في أسواق السلع والمعادن النفيسة. وتتبنى المدينة خطة واضحة لتعزيز حضورها في هذا القطاع، عبر الاستثمار في البنية التحتية للتخزين والتداول والخدمات اللوجستية المرتبطة بالذهب.

وتعكس هذه الخطوة سعي هونغ كونغ إلى الحفاظ على تنافسيتها أمام مراكز مالية أخرى في آسيا، خاصة مع تنامي النفوذ الاقتصادي للصين والطلب العالمي المتزايد على الذهب كأصل استراتيجي.


;